لقائي مع تليفيزيون (بُكره)، عن استفتاء الدستور ..
الخميس، 13 ديسمبر 2012
مادة واحدة تكفي لرفض الدستور
عن مسودة الدستور المصري الأخيرة والتي سيتم الاستفتاء
عليها يوم السبت القادم:
بغض النظر عن إباحة عمالة الأطفال، وعن حقوق العُمال
المُهدرة، بعيداً عن دولة العسكر التي سوف تستقل تقريباً عن جمهورية مصر العربية
بموجب هذا الدستور، بعيداً عن سُلطات الرئيس المُطلقة، وعن العدالة الاجتماعية
المُهدرة، بعيداً عن مواد كثيرة مطاطة وفضفاضة يمكن تشكيلها على مقاس أي طاغية،
بعيداً عن حَق حَل النقابات العُمالية والمهنية، بعيداً عن مواد دستورية آخرها
تُكتَب في كتاب "تربية وطنية" لتلاميذ في الصف الأول الثانوي، وعن جمعية
تأسيسية غير مُمَثَّل فيها كُل طوائف الشعب كتبت الدستور، بعيداً عن ربط أجر
العُمَّال بالإنتاجية، بغض النظر عن كُل هذا وأكثر..
مـادة واحـدة تـكــفـي لــرفـض الـدسـتـور:
المادة (198):
القضاء العسكرى جهة قضائية
مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها
وأفرادها.
ولا يجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكرى إلا فى الجرائم
التى تضر بالقوات المسلحة ويحدد القانون تلك الجرائم، ويبين اختصاصات القضاء
العسكرى الأخرى.
وأعضاء القضاء العسكرى مستقلون. غير قابلين للعزل، ويكون
لهم كافة الحصانات والضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء الجهات القضائية.
قد تبدو تلك المادة في
أول قراءة لها أنها تمنع مُحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، لكن الحقيقة غير
ذلك !
مادة مطاطة سهلة التشكيل حسب رغبة "القضاء العسكري والمُشَرِّع". وأنا صراحة لا أثق في كليهما.
القضاء العسكري ..
حيث الاستثنائية وعدم
النزاهة ..
يعني أحكام غير قابلة
للطعن أو الاستئناف ..
يعني مُحاكمة أطفال
واتهامهم بحيازة مولوتوف والحكم عليهم بسنوات تساوي عُمرهم أو أكثر. ربنا يفك سجنك
يا محمد إيهاب " 17 سنة محكوم عليه بـ 15 سنة".
يعني مُحاكمة أكثر من 12
ألف مدني أمام هذه المحاكم العسكرية الاستثنائية الظالمة ..
باختصار .. القضاء
العسكري، يعني مُحاكمة غير عادلة.
أما عن المُشَرِّعين
والذين يتضمنهم القضاء العسكري كـجهة، فـ"لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين".
ثم إنني أصلاً ضد المحاكمات العسكرية للمدنيين تحت أي ظرف من الظروف، حتى ولو كانت
تندرج تحت هذا المصطلح المطاطي "جرائم تضر بالقوات المُسلحة"، الذي
سأتحدث عنه بعد طرح سؤال هام للغاية:
كيف يكون الخصم
"القوات المُسلحة" هو نفسه الحَكَم "القضاء العسكري" ؟؟؟
نرجع إلى هذا المصطلح
الفضفاض "جرائم تضر بالقوات المُسلحة "، علينا أن نتفق على أن معاييرنا
ليست هي نفسها معاييرهم، يعني مثلاً عندما كُنا ننزل للتظاهر ضد حُكم العسكر، كُنا
–نحن الثوار- نرى أننا ننزل لنحمي ثورتنا، بينما كان العسكر يرى أننا نتظاهر
لإشاعة الفوضى والانفلات الأمني في البلاد، والإخلال بهيبة الدولة والقوات
المُسلحة، وأننا بلطجية مأجورين لدينا أجندات خارجية .. إلى آخره. يعني أنه إذا
كان هذا هو دستورنا وقتها، فمن حق العسكريين "الذين يروا أننا نضر بالقوات
المسلحة ونخل بهيبتها" أن يُحاكموا كُل الثوار عسكرياً.
"هنروح بعيد ليه
؟"
الزمان: فجر الأحد 18
نوفمبر 2012.
المكان: جزيرة القرصاية.
هجمت قوات الجيش على
الجزيرة في محاولة لإخلاء 5 أفدنة من الأرض باعتبارها "من أراضي القوات
المُسَلَّحة"، أسفر الهجوم على الجزيرة تحت هذا الادعاء عن قتيل من أهل
الجزيرة اسمه " محمد عبد الموجود – 20 سنة " قُتِلَ برصاص الجيش،
واعتقلت قوات الجيش 25 واحداً من أهل الجزيرة وهُم حوكموا عسكرياً بتُهمة
"التعدي على أملاك الجيش" .. جدير بالذكر: صدر حُكمان قضائيان في
2008 و 2010 بتمكين أهالي جزيرة القرصاية من أرضهم.
اعرضوا دستوركم الباطل في
استفتاء على الشعب .. مرروه .. حاكمونا عسكرياً واقتلونا إن أردتم .. لكننا
سنظل نقول لا في وجوهكم.
لا للمحاكمات العسكرية
للمدنيين.
قُــل لا لـدسـتــورهــم.
علي هشام
14 ديسمبر 2012
الثلاثاء، 11 ديسمبر 2012
خطبة عصماء في ورقة الاستفتاء
-
أُقاطع هذا الاستفتاء وبذلك أكون قد نزعت عنه شرعيته وأنا لست مُعترفاً به
من الأساس ؟؟ أم أذهب للإدلاء بصوتي عليه حتى لا أُخلي الساحة لهؤلاء الانتهازيين
؟؟ تُرى هل ستأتي مُقاطعتي بفائدة، أم أن الدستور سوف يُمرر حتى ولو ذهب واحد فقط
للتصويت عليه .. كما حــدث في آخر مجلـس للشـورى ؟؟ وهل مقاطعتي للاستفتاء تعني
فعلاً أنني قد تركت الساحة لهم ؟؟ المقاطعة سوف تسحب الشرعية من الدستور المُستفتى
عليه بل وربما النظام كله .. كما حدث في الانتخابات البرلمانية 2010 حينما قاطعت
أغلب القوى السياسية انتخابات الحزب الوطني، وكالعادة تركونا الإخوان المسلمون
وشاركوا هُم في الانتخابات، فكانت نتيجة الانتخابات باكتساح الحزب الوطني .. ثم قامت
ثورة في 25 يناير 2012، هل تُعتبر المقاطعة فعل سلبي وخيانة للوطن وللقضية ؟؟ أم
أن المُشاركة في الاستفتاء تُعطي شرعية للدستور ويُعتبر هذا قمة التخلي عن المبادئ
الثورية ؟؟
وأخيراً .. قرر أن يذهب إلى الاستفتاء والمشاركة فيه،
والتصويت بلا .. لا لا ثم لا.
"السبت , 15
ديسمبر 2012":
يتوجه في الصباح الباكر عند فتح اللجان الانتخابية إلى
المدرسة المُسَجَّل بها للإدلاء بصوته، دخل لجنة الانتخاب، تَبَسَّم في وجه من
بالمكان وألقى عليهم التحية، أخذ ورقة الاستفتاء واستتر بالحاجز الخشبي الذي يقف
وراءه الناخب..
نظر للورقة لمدة ليست بالقصيرة، ظَلَّ مُحدقاً فيها !!
سَرَح في أدق تفاصيل الورقة .. الدائرة الخضراء "نعم"، والدائرة السوداء
"لا" ..
لم يضع قلمه على الورقة حتى اللحظة ..
أمسك بقلمه، وقَرَّبه للورقة، ثم عَلَّم بعلامة
"صح" أمام ((غير موافق)). ثم تنهد وذهب بيده إلى أعلى الورقة ولا
أرادياً ظل يَكتُب:
" بسم الله الرحمن الرحيم، سيادة الرئيس .. تحية
طيبة وبعد ..
كيف لي أن أقبل بهذا الدستور العقيم ؟؟ كيف أُصوت
بالموافقة على دستور كتبته جمعية تأسيسية خالية من النقابات العُمالية والمهنية ؟؟
كيف أُصوت بالموافقة على دستور قد انسحبت من تأسيسيته الكنائس الثلاث ؟؟ كيف لي أن
أُصوت بقبول دستور يُبيح محاكمة المدنيين عسكرياً في مادة مطاطة وفضفاضة
"المادة 198" ؟؟ كيف لي أن أُصوت بالإيجاب على دستور لم يُكتب في توافق
وطني ؟؟ وقد وعدتنا أنه سوف يخرج للنور بعد حوار مُجتمعي يا سيادة الرئيس ..
وعدتنا وأخلفت بوعدك.
هذا الدستور الذي كُتَب على بعد خطوات من قنابل الغاز
والرصاص والخرطوش وتحت حماية داخلية فخامتكم وشرعية إخوانك الزائفة وحصانة
ديكتاتوريتكم .. لا ثم لا، لم ولن يُمَثلني مثل هذا الدستور. "
انهمك في كتابة كُل هذا .. وفجأة توقف عن الكتابة إثر طرقات
شخص على الخشب الذي يقف المُنتَخِب خلفه:
-
يا أُستاذ، فاضل لك كتير ؟؟ يا
استااااااذ ؟؟ اتأخرت فيه كتير مزنوقين بره !!
يرد عليه بتأوهات مُريبة كما ولو كان في
"الحمام".
-
آآآه ؟؟!! جرى إيه يا استاذ ؟؟ انت بتعمل إيه جوا ؟؟ بدأنا
"نـتـوغــوش" عليك ؟؟!!
"يتأوه
مرة أُخرى".
كان ينهي وقتها الناخب خطبته العصماء الذي استرسل فيها
كثيراً: "ورغم كُل ما كتبته لك يا سيادة الرئيس، إلا أنني قررت أن أُدلي
بصوتي في هذا الاستفتاء وأُن أُزيد أصوات من سيقولون "لا" واحداً ،هو
أنا ، آخر ما أُوَد أن أخطرك إياه يا سيادة الرئيس: يسقط يسقط
.........................."
لم تكف الورقة لتكملة الخطبة العصماء وكتابة آخر كلمتين
بها !!
وفي الفرز:
يفتح القاضي ورقة الاستفتاء المذكورة، يجد فيها كلاماً
مكتوباً، يُطَبِّقها مرة أُخرى .. ويضعها ضمن الأصوات "الــبــــاطــــلـــة"!!
علي هشام
11 ديسمبر 2012
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)