ينحني محمد هنيدي –المذيع
بإحدى القنوات الإخبارية كما ورد في الفيلم- على ذلك المواطن الأشعث الجالس على
قهوة بلدي في منطقة شعبية يبدو عليها التواضع الشديد، قائلاً في بهجة مصطنعة:
"ومعانا أحد المواطنين السهرانين وبنقول له كُل سنة وحضرتك طيب.. هابي نيو
يير.. ممكن حضرتك تقول لنا راس السنة بتمثل لك إيه؟"
يرمقه المواطن الأغبر
المنكوش باحتقار، ويهُب فيه: "انت عبيط يلاه ؟ راس السنة إيه وزفت إيه، انتم
مش دريانين بالناس ؟"
الحقيقة إن هذا المشهد لم
يفارقني طيلة الفترة الماضية، خصوصاً عندما كان يسأل أحد المذيعين مواطناً
"ماذا تطلب من رئيس مصر القادم؟". أولاً: كلاهما –غالباً- يعلم إن
الانتخابات المزعومة ليست انتخابات بحق، ولكنها مراسم تنصيب "على واحدة
ونُص" للمارشال. يعني لا داعي لأن نبهم الأمور ونُطلق عليه "رئيس مصر
القادم"، فيكون السؤال هكذا: "ماذا تطلب من السيسي بعد أن تصير الجمهورية
رسمياً في جعبته؟".
ثانياً: ماذا يتوقع السائل
من المواطن في إجابته ؟ هل ينتظر منه مثلاً أن يخبره بأنه يريد من الرئيس "واحد شاورمة من غير طحينة لو
سمح" ؟ بالطبع إن ذلك المواطن –حاله حال أي مواطن سوي- يطمح في أن يرتقي حال
البلد وأن نقضي على البطالة وأن يحصل هو على رغيف عيش "خالي من
المسامير" بسهولة ويُسر دون أن تُرشَق في جانبه مدية. يريد أن يحصل على قوت
يومه بسهولة. يحلم بأن يعيش بكرامة دون أن يكون لواحد من أجهزة الأمن الحق في أن
ينهال بكَفِّه على قفاه. يحلم بأن يعيش آمناً.
وهل سوف يتحقق الأمن يا
ترى ؟
إذا أراد الرئيس أن يلتف
حوله الشعب فعليه بحل من اثنين، أو كليهما.. إما أن يوفر للناس لُقمة عيشهم، أو أن
يضع مشروعاً وطنياً ما في الأُفق –حتى ولو كان وهمياً- كي يلتف الناس حوله متغاضين
حتى عن لقمة العيش إذا لم يوفرها لهم في سبيل تحقيق انتصارات في هذا الاتجاه، أو
بمعنى أصح: التخلص من الـ"بُع بُع".
وحيث إن المارشال المدعوم
من كافة رجال أعمال وأركان نظام مُبارك أخذها من قصيرها وتبنى خطاب "أنا مش
قادر أديك.. أجيب لكم منين يعني ؟" من قبل أن يتولى مقاليد الحُكم أصلاً. فلا
تضع أملاً في أن يوفر للناس لقمة العيش حتى ولو في سبيل أن يلتفوا حوله. وبهذا
الشكل.. لم يتبق سوى الحل الآخر، وهو أن يستغل قضية ما كي يلتف الناس حوله، ويكون
بقاؤها من بقائه.
بالطبع إن الذي أطبق
الحصار على غزة في فترة المرحلة الانتقالية بعد رحيل الإخوان، وصرح بأنه يحترم
"كامب ديفيد" والسلام مع إسرائيل، بل وإنه يريد التوسع فيه، لن يتخذ
"القضية الفلسطينية" كمشروع وطني. خصوصاً بعد أن صارت –للأسف-
"القضية الفلسطينية" سيئة السُمعة في مصر.. فصارت مُناصرتها سُبة !
أنسب قضية يُمكن
استغلالها –وهو ما يحدث بالفعل- هي الأمن، أو "الإرهاب".. من خلالها يقبضون
على الشباب الذي فجَّر ثورة الخامس والعشرين من يناير. يضغطون على المواطن المصري
كي يتحمل فقره المدقع.
إنهم يتاجرون بآلام
المواطن في سبيل ذلك، والمُريب.. إنهم لا يحلون تلك القضية ! –سبحان الله-
شئتم أم أبيتم.. فقد قامت
ثورة نبيلة في الخامس والعشرين من يناير عام 2011. استشهد فيها ورد الجناين وهُم
يهتفون بالذي هو محفور في قلوب ثوارها الأطهار إلى الآن:
عيش.. حُرية.. عدالة
إجتماعية..
عيش.. حُرية.. عدالة
إجتماعية..
علي هشام
الله عليك يابن هشام
ردحذف