صحوت من نومي هذا الصباح أنا وخيبة أملي، غسلت أسناني وإحباطي على كتفي، تشاركت أنا ويأسي فنجان قهوتنا الصباحية ونحن نتذكر بعض الذكريات المُسيِّلة للدموع. هذا هو حالي، وحدي، أنا لا أتحدث عن أحد، إنه أمر شخصي. هذا ما تعلمته، ألا أتكلم بلسان أحد، حتى ولو بما أظنه خير. صفعتني الحياة، وحدي من وسط الحشود، وقالت لي "خَلِّيك في حالك".
ربما يشاركني شخص ما بعض هذه الأحاسيس، ولكنني لست مسؤولًا عن أي تأويلات لكلامي، لحساسية الأمر وحساسية التاريخ وحساسية اللحظة، وما قد يترتب عليها من عواقب. إذا أردت أن تحبط، فلتحبط وحدك يا صديقي إذا تفضلت، لا تحملني نتيجة إحباطك ولا تجعل منا جماعة من المحبطين، لئلا ظن أحد أننا من الأشرار. أنا لا أحب الأشرار، منذ عشر سنين وأنا لا أحبهم.
فوز وانتصار؟ أم هزيمة وانكسار؟ ما هذا الكلام المجعلص؟ ما رأيك أن تخليك في حالك وتعمل على تطوير قدراتك الفردية، تذهب إلى العمل، تأخذ حفنة من التاسكات، تنجز البعض، تؤجل البعض إلى اليوم التالي، ولا مانع من أن تتشاجر مع مديرك، يجازيك تارة، تضحك عليه وسط الزملاء تارة أخرى، وهكذا. تبحث عن ترقية، تأتيك الترقية، يعلو راتبك قليلًا، أو كثيرًا. تنهي عملك كل يوم في الشركة الإنترناشونال، وتنزل إلى شارع تملأه القمامة، نعم، القمامة التي نزلت وأصدقاءك تجمعونها منذ عشر سنوات، تصل إلى بيتك فتقضي ليلتك تحاول قتل الوقت وأنت ت"سكرول" صفحات الفيس بوك لعلك تجد الميم الهزلي الذي يعبر عن حالتك، إلى أن يأتي الصباح وتواجه الواقع مرة أخرى.
المهم، أن تبقى في حالك، ولا تتكلم كثيرًا لئلا تُنعت بأنك مشاغب. نحن بيئة محافظة، لنا قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، بيئتنا لا تحب المشاغبين ولا المتمردين. كل الأمثلة التي فطمونا عليها تقول إن العيب فيك، فيك انت، وليس أحد آخر. تقول أمثلتنا الشعبية: امشِ عدل يحتار عدوك فيك، الشاطرة تغزل برجل حمار، غلطة الشاطر بألف.
لا يجب لعالمك أن يتسع، أخفض سماءك ما استطعت حتى تلامس شعر رأسك، عِش داخلك وفي عالمك، ولا تحلم بتغيير شيء، فقط قل "حاضر". اتبع الكتالوج والاسكريبت المكتوبين، ولا تفكر في العقل الجمعي ولا تصرفاته، ولا تظن أن لك قيمة. العالم يمشي من حولك، وأنتَ مفعول بك.
يا صديقي، لا تنظر إلى التاريخ، بالمعنيين. التاريخ بمعنى توثيق الأحداث، فهو ليس بالضرورة دقيق وصادق. فالتاريخ هو محض حكاوي، يقولها من معه الكلمة، وليس بالضرورة أن يمسك بالمايكروفون أصدق الناس وأعدلهم. أما عن التاريخ بمعناه الآخر، اليوم والشهر والسنة، فهو يذكرك أحيانًا بهزائم حدثت في يومٍ من الأيام، أو خسارة معينة. أنا عن نفسي أُهزم في اليوم الواحد أكثر من مرة، اتسعت هزائمي حتى صارت تكفي مجلدات. اعترف بهزائمك، وافتخر بعواقبها، وإذا اشتدت وطأة الحزن عليك، لا تنظر إلى التاريخ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق