إلى جدتي العزيزة، سهير كامل،
ازيك يا نانَّا؟
أكتب إليك في أول عيد ميلاد لكِ في السماء. لم يأتِ أحد من قبل يخبرنا كيف تحتفلون بأعياد الميلاد عندكم، لكن المهم أن ثمة احتفال اليوم أيًّا كانت الطريقة.
أتصور أنك عاملة عزومة كبيرة لكل الحبايب. سهرتي ليلة أمس تفتلين وتخبزين الكعك والبتيفور والبسكويت المميزين بتوعك. قمتي من سريرك اليوم من فجر الله ووقفتي في مطبخك الضيق تحضرين الملوخية والأرانب التي نحب عمايلهم من إيديكي.
تنتهي من عمايل الكعك وطبخ الملوخية والأرانب، ولا تشعرين بالتعب التي كنتي تشعري به في الآونة الأخيرة. هذه المرة، لم تقولي "شكلي هابطل أعمل كحك، مابقتش أقدر"، أنتِ الآن قادرة على صنع الكعك بلا تعب، ولا يؤلمك ذراعك الأيسر الذي ضَعُف منذ أن استأصلتي ثديك بسبب السرطان.
آه صحيح.. هل وصل أبي إلى الحفل أم لم يصل بعد؟ طبعًا استقبلتيه ب"أهلًا يا هشام"، ثم فتحتي معه نقاشًا في السياسة، وانت عارفة يا نانا إنكم مختلفين، لازم كل مرة يعني؟ يمدح أبي في الملوخية والأرانب، تسلم إيدك، معلنًا رغبته في إنهاء النقاش قبل ما تحصل كارثة، ماهو ماحدش يصدق وائل الإبراشي برضه يا نانَّا يا حبيبتي. طبعًا بابا أكل هذه المرة من الأرز والملوخية والأرانب كما شاء، وحليتم بالكعك والبتيفور والبسكويت، دون أي تفكير في الكميات أو خوف على الوزن أو القلب أو الكوليسترول. عظيم.
وأنتِ أيضًا حملتي هذه المرة كل الأواني بلا أوجاع في عظمك الذي كان يؤلمك عندما أصابه المرض الخبيث لما قرر الهجوم عليكِ مرة ثانية. أخبار جميلة.
أتخيلك بعد انتهاء الحفل جالسة على كرسيكي الهزاز تطلبين السوبر ماركت في التليفون الأرضي ليرسل إليكِ الشوكلاتة الداكنة التي تحبين. تتفرجين على برنامجك المفضل "العباقرة"، وتكتبين وراءهم المعلومات التي يقولون في النوتة خاصتك، يا نانا يا حبيبتي.. إيه اللي بتعمليه ده؟ افتحي النت كل المعلومات هناك.
ألَّا صحيح، هل كنتي تشعرين بنا ونحن إلى جوارك بالمنزل أو في مواعيد زيارة العناية المركزة؟ أعلم أنك كنتي متعبة، وأدعو الله أن يفتح لك أبواب الجنة بقدر كل ذرة ألم شعرتي بها.
طيب يا نانا، أنا مضطر أقفل دلوقتي عشان عندي مذاكرة. آه صحيح..
أنا سافرت بعد آخر لقاء بيننا بكام يوم، صليت عليكِ في السيدة نفيسة، تذكرت يوم أن صلينا على أبويا في نفس المكان، أوصلتك إلى بيتك الأخير، ربت على كتف أمي وعانقتها عناقًا طويلًا، أوصلتها المنزل، قبَّلت رأسها ويديها الحنونين، ثم حملت حقائبي، وسافرت.
إلى اللقاء، وتسلم إيدك على الملوخية والأرانب.
علي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق