٢٥ يناير ٢٠٢٣
أنا فخورٌ اليوم. فخورٌ بنفسي، وبكل من هم مثلي.
تعالَ أنت وعقلك هُنا لحظة، تعالَ ولا تذهب بعيدًا، الموضوع وما فيه يا صديقي العزيز هو أني فخورٌ بنفسي فقط لأني صحوت مبكرًا في موعدي وانتزعت جسدي انتزاعًا من السرير الذي يثبتني فيه الاكتئاب يوميًا بمسامير. أنا أيضًا حضرت وجبة فطور صحية، بل أكلتها، وأعددت قهوة لنفسي، وشربتها أيضًا. أزيدك من الشعر بيتًا؟ تمكنت من الخروج اليوم من البيت وها أنا أكتب لك الآن من خارج المنزل.
قُل لي بالله عليك، لمَ أفخر بشيء آخر أو أحزن على شيء أعَم؟ يعني، ومع احترامي لي ولك، لو لم نشارك وقتها هل كان سيفتقدنا أحد؟ كانوا أطلقوا عليها مليونية إلا فلانًا مثلًا؟ طب هل غيرنا شيئًا في مسار الأمور ومسئولين عما آلت إليه؟ لست نادمًا على شيء، ولا فخورًا بشيء، أنا فقط أدركت حجمي الحقيقي. أنا جسدٌ يحوي أعضاءً بعضها يعمل بكفاءة والبعض الآخر لا. أنا قلب أنهك صاحبه ولم يغير العالم، سيتوقف عن العمل عاجلًا أم آجلًا لو وجه القناص عليَّ رصاصة أو لما يأذن الله تعالى بكل بساطة.
الإيمان بالقدرة الفردية على التغيير على حلاوته لكن مثير للشفقة، والإيمان المُطلق بالقدرة الجماعية على التغيير أيضًا محل جدال. الكثرة لا تغلب الشجاعة لنكن واضحين، بل الجُبن غالبًا ما يغلب الكثرة الشجاعة. هل هناك أشجع من الفلسطينيين الذين يواجهون الاحتلال والموت بصدور عارية؟ وهل هناك أخَس وأجبن من الجُندي المُحتل الذي يدكهم دكًا بضغطة زر مختبئًا في طائرته أو مدفعه المُصَفَّح؟
المُعادَلَة ضبابية وغير واضحة، والأكيد أن أطرافها ليسوا الكثرة والشجاعة فحسب، بل لست متأكدًا إن كانا من أطرافها أصلًا.
هل نحن مؤثرين في شيء حتى على الصعيد الشخصي؟ طبعًا الحديث عما إذا كان الإنسان مُسيَّرًا أم مُخَيَّرًا لا ينتهي، لكن لو كنا مخيرين فسوف أعلن اختياري واضحًا وصريحًا لنفسي وللعالم، سوف أخلي مسؤوليتي من كل هذا العبث. اخترت أن يصبح العالم مكانًا أجمل بلا كراهية ولا ظلم، بلا فقر ولا جوع، بلا كراهية ولا إقصاء، بلا خوف ولا فزع. اخترت عالمًا لا يعاقب الحالم على حلمه، ولا الفقير على فقره، ولا المريض على مرضه. اخترت عالمًا أكثر رفقًا بالضعفاء وأصحاب الحظ العسر. أما لو كنت مِسيِّرًا، وهو الأقرب، فقد تركت نفسي للأيام تفعل بي ما تشاء، لكني لن أتوقف عن محاولة القيام في الصباح من السرير، وتحضير فطور صحي، وشرب القهوة لعلي أهزم الاكتئاب يومًا ما مُسيرًا كنت أو مخيرًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق